بقلم / أ. شادي طلعت .. مواطن قوة أمريكا 4- المرأة

في سياق حديثنا عن مواطن قوة أمريكا تحدثنا سابقاً عن عن 3 مواطن و هي :

أولاً / آلية إتخاذ القرار

ثانياً / كيف يأتي الرئيس .

ثالثاًً / التضامن الإجتماعي .

و الآن نتحدث عن الموطن الرابع من مواطن قوة تلك الدولة ، و هو .. المرأة :

و لنلق نظرة في البداية على صورة المرأة الأمريكية في العيون العربية :

إن الشعوب العربية التي لم تتح لها الفرصة لزيارة أمريكا قد تستقي معلوماتها من خلال الأفلام الأمريكية المليئة بالخيال الواسع جداً ليس على مستوى الخيال العلمي فقط و لكن على كافة المستويات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية أيضاً !

و حيث أن موضوعنا هو المرأة فإن الشخص العربي قد تصله أن فكرة تحرر المرأة في أمريكا تعني الحرية الجنسية و قد يصل إلى ذهنه أن المرأة في أمريكا سهلة المنال و قد تترسخ هذه الصورة عن طريق الأفلام الإباحية الأمريكية ! و بهذا تكون المرأة وعاء و جسد لا يستخدم إلا للمتعة فقط !؟

الصورة الحقيقية للمرأة الأمريكية :

إن المرأة الأمريكية تتمتع بحصانات قانونية و دستورية غير موجودة في باقي دول العالم فعلى سبيل المثال :

- يوجد في أمريكا قانون يحمي المرأة المتزوجة من العنف الأسري ، و هذا القانون لا يحميها فقط من التعدي عليها بالضرب من الزوج و إنما يحميها حتى من أن يرفع الزوج صوته عليها !

- الدعارة في أمريكا غير مصرح بها في 49 و لاية بإستثناء ولاية واحدة فقط !

- نسبة النساء المتعلمات تفوق نسبة الرجال المتعلمين !

- نسبة القاضيات في بعض الولايات تفوق القضاة الرجال .

- الأخلاقيات أمر هام عند المرأة الأمريكية فهي مرتبطة عندها بالبناء المجتمعي .

قد يتعجب البعض مما ذكرت و لكنها الحقيقة الغائبة عن المصريين و العرب .

و نأتي الآن لسؤال آخر و هو ماذا قدمت المرأة للمجتمع الأمريكي ؟

إن المرأة الأمريكية تختلف عن أي إمرأة في أي مجتمع آخر ، إذ أنها تنجب الأطفال و تقوم بتربيتهم ! و تهتم بمنزلها و تطهو الطعام ! و تعمل كما يعمل الرجل ، و الجديد عندها أن عملها يكون متقناً مع التعدد و التنوع !

إن الثقافة الأمريكية و المبنية على الجهد و العمل كأساس لأي نجاح تنقل إلى الأجيال الصغيرة في أمريكا عن طريق النساء اللاتي يقمن بتربية الأطفال و كما قال الشاعر الكبير أحمد شوقي "الأم مدرسة إذا أعددتها .. اعددت شعباً طيب الأعراق"

لذلك نجد أن الشعب الأمريكي يقدس العمل و يحب وطنه بناء على ثقافات إكتسبها عن طريق المرأة و التي زرعت في نفوسه تلك القيم و المبادئ ، كما أريد أن أنوه إلى أن النساء تذهب إلى المظاهرات بصحبة أولادها فهي تزرع في نفوسهم المشاركة السياسية من الصغر .

و محاولة مني لتقريب الواقع الأمريكي إليكم و الخاص بحماية المرأة ، فهل تعلمون لو أن رجل و إمرأة يعرفان بعضهما البعض لمدة سنوات ، و في يوم ذهبت المرأة مع هذا الرجل إلى مسكنه و تناولت معه الكحوليات حتى غابت عن الوعي و بعدها مارس الرجل الجنس معها و هي تحت تأثير الكحول . هل تعلمون أن ما قام به الرجل يعد إغتصاباً ! و قد يلاقى الرجل حكماً قاسياً نتيجة فعلته تلك .

و مثل هذه القصة لو وقعت في أي بلد عربي فإن المحكمة ستحكم من أول جلسة ببرائة الرجل إذ أن إعتراف المرأة بذهابها بإرادتها إلى مسكنه سيكون كفيلاً ببراءة الرجل فما بالكم و أن المرأة تعترف أيضاً بتناولها الكحوليات معه بإرادتها أيضاً !

إن الفارق كبير بين المجتمع الأمريكي و غيره من المجتمعات الأخرى فالفيصل في القصة السابقة لدى المتجمع الأمريكي هو "هل مارست المرأة الجنس برغبتها أم بدون رغبتها ؟ " هذا هو الفيصل فليس من زيارة المرأة للرجل في بيته أي دعوة لممارسة الجنس !؟ كما أنه ليس لتناولها الكحول معه في بيته التصريح له بممارسة الجنس معها !

قد يكون منطق الأمريكان غريباً على المجتمع العربي و لكنه منطق يبين مدى القيود و الأسياج الحديدية التي تم وضعها لحماية المرأة .

و إليكم بعض المعلومات الآتية :

- مضايقة أي إنثى في الولايات المتحدة الأمريكية تعد تحرشاً جنسياً و عقوبتها قاسية جداً .

- الدعارة غير مصرح بها في أميركا إلا في ولاية واحة فقط .

- لو ضبطت إمرأة في أمريكا و هي تسعى لبيع المتعة فإنها تحال إلى القضاء فوراً .

إن المرأة كلما إتسعت دائرة حمايتها في أي مجتمع كان ، لا بد من أن يعود هذا بالنفع على المجتمع كله ، و لنقارن الوضع الراهن في المجتمعات العربية بالنسبة للمرأة فسنجد الآتي :

- في حال واقعة الزنا في بعض المناطق بالبلدان العربية تقتل المرأة و لا يقتل الرجل .

- المرأة العاملة في الوطن العربي تعمل أكثر من الرجل فهي مسؤلة أيضاً عن طهي الطعام و نظافة المنزل و تربيةالأطفال ، و لكن عملها يكون غير متقن نتيجة الضغوط النفسية التي تتعرض لها و النشأة الثقافية الذكورية .

- تتعرض المرأة في مصر على سبيل المثال إلى مضايقات من الشباب قد تصل إلى التحرش الجنسي ، و تجد المرأة المتضررة أن الضرر سيتضاعف لو حاولت مقاضاة من إعتدوا عليها بسبب نظرة المجتمع الدونية إلى الضحية !

- تعيش غالبية كبرى من المتزوجات في الوطن العربي حياة مهينة ، و لا يستطعن التخلص من حياتهن الزوجية بسبب نظرة المجتمع الدونية إلى المطلقات !

هذا هو الفارق بين المرأة المصرية والعربية ، و بين نظيرتها في المجتمع الأمريكي فالأول و هو المجتمع الشرقي لا يتعامل معها كإنسان و الثاني و هو المجتمع الأمريكي يتعامل معها كإنسان و لكنه إنسان بحاجة إلى دعم دائم فحتى الآن توجد منظمات مدنية لحماية المرأة في أمريكا .

قبل أن أنهي حديثي أريد أن أوضح أنه لولا مشاركة المرأة للرجل في أمريكا لما أصبحت أمريكا قوة عظمى ، و لنا لقاء آخر قريب إن شاء الله حول موطن آخر من مواطن القوة الأمريكية و هو التعليم .

و على الله قصد السبيل

شادي طلعت

7 أكتوبر 2010